سورة التوبة - تفسير تفسير ابن الجوزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (التوبة)


        


قوله تعالى: {إلا الذين عاهدتم من المشركين} قال أبو صالح عن ابن عباس: فلما قرأ علي براءة، قالت بنو ضمرة: ونحن مثلهم أيضاً؟ قال: لا، لأن الله تعالى قد استثناكم؛ ثم قرأ هذه الآية. وقال مجاهد: هم قوم كان بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد ومدة، فأُمر أن يفي لهم. قال الزجاج: معنى الكلام: وقعت البراءة من المعاهدين الناقضين للعهود، إلا الذين عاهدتم ثم لم ينقضوكم، فليسوا داخلين في البراءة مالم ينقضوا العهد. قال القاضي أبو يعلى: وفصل الخطاب في هذا الباب: أنه قد كان بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين جميع المشركين عهد عامٌّ، وهو أن لا يُصدَّ أحدٌ عن البيت، ولا يُخافَ أحد في الشهر الحرام، فجعل الله عهدهم أربعة أشهر، وكان بينه وبين أقوام منهم عهود إلى آجال مسمَّاة، فأُمر بالوفاء لهم، وإتمام مدتهم إذا لم يُخش غدرهم.


قوله تعالى: {فاذا انسلخ الأشهر الحرم} فيها قولان:
أحدهما: أنها رجب، وذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، قاله الأكثرون.
والثاني: أنها الأربعة الأشهر التي جُعلت لهم فيها السياحة، قاله الحسن في آخرين. فعلى هذا، سميت حُرُماً لأن دماء المشركين حرِّمت فيها.
قوله تعالى: {فاقتلوا المشركين} أي: مَن لم يكن له عهد {حيث وجدتموهم} قال ابن عباس: في الحلِّ والحرم والأشهر الحرم.
قوله تعالى: {وخذوهم} أي: ائسروهم، والأخيذ: الأسير {واحصروهم} أي: احبسوهم؛ والحصر: الحبس. قال ابن عباس: إن تحصَّنوا فاحصروهم.
قوله تعالى: {واقعدوا لهم كل مرصد} قال الأخفش: أي على كل مرصد؛ فألقى على وأعمل الفعل، قال الشاعر:
نُغالي اللحمَ للأضيافِ نِيئاً *** ونُرخِصُه إذا نَضِجَ القُدُور
المعنى: نغالي باللحم، فحذف الباء كما حذف على. وقال الزجاج: {كل مرصد} ظرف، كقولك: ذهبتُ مذهباً، فلستَ تحتاج أن تقول في هذه الآية إلا ما تقوله في الظروف، مثل: خلف، وقُدّام.
قوله تعالى: {فان تابوا} أي: من شركهم.
وفي قوله: {وأقاموا الصلاة وآتَوُا الزكاة} قولان:
أحدهما: اعترفوا بذلك. والثاني: فعلوه.
فصل:
واختلف علماء الناسخ والمنسوخ في هذه الآية على ثلاثة أقوال.
أحدها: أن حكم الأسارى كان وجوبَ قتلهم، ثم نسخ بقوله: {فامّا منّاً بَعْدُ وإمّا فداءً} [محمد: 4] قاله الحسن، وعطاء في آخرين.
والثاني: بالعكس، وأنه كان الحكم في الأسارى، أنه لا يجوز قتلهم صبراً، وإنما يجوز المن أو الفداء بقوله: {فاما مَنَّاً بعدُ وإما فداءً} ثم نُسخ بقوله: {فاقتلوا المشركين} قاله مجاهد، وقتادة.
والثالث: أن الآيتين محكمتان، والأسير إذا حصل في يد الإمام، فهو مخيَّر، إن شاءَ مَنَّ عليه، وإن شاء فاداه، وإن شاء قتله صبراً، أيَّ ذلك رأى فيه المصلحة للمسلمين فعلَ، هذا قول جابر بن زيد، وعليه عامة الفقهاء، وهو قول الإمام أحمد.


قوله تعالى: {وإن أحد من المشركين استجارك} قال المفسرون: وإن أحد من المشركين الذين أمرتك بقتلهم استأمنك يبتغي أن يسمع القرآن وينظر فيما أُمر به ونُهي عنه، فأَجِرْه، ثم أبلغه الموضع الذي يأمن فيه.
وفي قوله: {ذلك بأنهم قوم لا يعلمون} قولان:
أحدهما: أن المعنى: ذلك الذي أمرناك به من أن يُعرَّفوا ويُجاروا لجهلهم بالعلم.
والثاني: ذلك الذي أمرناك به من ردِّه إلى مأمنه إذا امتنع من الإيمان، لأنهم قوم جهلة بخطاب الله.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8